قائد الأركان الصحراوي: سنصعّد هجماتنا ضد الاحتلال المغربي
استقبلت مخيمات اللاجئين الصحراويين، أمس الأول، المبعوث الأممي الخاص للصحراء الغربية وسط انقسام في الأوساط الشعبية بين مرحب بالمبعوث الجديد على تحفظ، وبين رافض للاستمرار في الانغماس أكثر في عملية السلام التي لم تأتي سوى بالمزيد من خيبات الأمل وتعنّت أكثر من جانب الاحتلال المغربي طيلة ثلاثة عقود.
لم يعلق الشعب الصحراوي آمالاً كبيرة على زيارة ستيفان دي مستورا للمنطقة، خاصة وأنّ المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة صرح أكثر من مرة، أنّ جولته الأولى للمنطقة تأتي للاستماع لمقترحات طرفي النزاع، دون أن يحمل في حقيبته خارطة طريق واضحة المعالم لحلّ الصراع الدائر في الصحراء الغربية لأزيد من أربعة عقود.
أكدت النانة الرشيد، مستشارة الرئيس الصحراوي المكلفة بالوطن العربي في تصريح خصّت به “الشعب” أنّ الشعب الصحراوي ليس لديه تطلعا كبيرا فيما ستحمله زيارة دي مستورا، قائلة إنّ الأمم المتحدة قد أثبتت فشلها وعدم جديتها في فرض حل عادل للقضية الصحراوية، موضحةً أنّ الشعب الصحراوي متمسّك بالكفاح المسلّح.
وقالت النانة الرشيد إنّ الشعب الصحراوي استقبل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كسادس مبعوث أممي للصحراء الغربية، والخامس منذ وقت إطلاق النار سنة 1991، وأول مبعوث أممي بعد خرق المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار.. من باب حسن النية للانخراط في أيّ عملية تقوم بها الأمم المتحدة، مع التمسّك بخيار الكفاح المسلح كحل آخر لنيل الحرية والاستقلال.
مجلس الأمن مطالب بخطوات جادة
قال محجوب امليحة، مسؤول العلاقات الخارجية لتجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الانسان بالصحراء الغربية “كوديسا”، إنّ المسؤولية الحقيقة في إطالة أمد معاناة الشعب الصحراوي تقع على عاتق مجلس الأمن الذي يتهرب من مسؤولياته في ضمان السلم والأمن الدوليين، وتطبيق القانون الدولي، الذي تقر كل نصوصه القانونية، بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير كشكل من أشكال تصفية الاستعمار.
واستبعد المتحدث مقدرة أيّ مبعوث أممي على الدفع نحو إيجاد حل عادل للقضية الصحراوية ما لم تكن هناك خارطة طريق واضحة لدى مجلس الأمن، مع منح الصلاحيات اللازمة للمبعوث الأممي، وهو ما يزال –يضيف المتحدث- غائباً متى تعلق الأمر بالصحراء الغربية.
وأعرب عضو “كوديسا” عن أسفه لغياب خطوات عملية باتجاه وضعية حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة، التي طالب مجلس الأمن في قراره الأخير، إيجاد آليات لمراقبتها وحمايتها، مؤكداً في الوقت ذاته أن لا آمال معلقة على زيارة المبعوث الأممي الخاص للصحراء الغربية، وعلى مجلس الأمن الدولي اتخاذ خطوات عملية وجادة تتناسب مع الشرعية الدولية في احترام تام للقانون الدولي الذي يؤطر قضية الصحراء الغربية كقضية تصفية استعمار.
الحرب مستمرة والتصعيد وارد
وكشف محمد الولي اعكيك، قائد أركان الجيش الصحراوي لـ«الشعب” أنّ الوضع العسكري في الميدان اليوم هو تكرار لسياسة الإبادة، التي انتهجها نظام الاحتلال المغربي سنة 1975، التي كان هدفها الأساسي إبادة الشعب الصحراوي، وترك الأرض الصحراوية أرض محروقة تماماً.
وأشار إلى أنّ 30 سنة من وقف إطلاق النار ساهمت في اتضاح الرؤية بأنّ عملية السلام المزعومة لم تراوح مكانها، ولا نية لدى المجتمع الدولي في إيجاد حل للشعب الصحراوي، الذي تُرك لمصيره في أراضي اللجوء والشتات.
وقال ولد اعكيك إنّ وقف إطلاق النار لم يأتي بأيّ نتيجة تُذكر، وبالتالي كان لزاماً على الصحراويين أمام النوايا المغربية استئناف الحرب، خاصة بعد خرق المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار في منطقة الكركرات أمام صمت الأمم المتحدة وعجزها عن رد المغرب إلى جادة الصواب.
وأكد أنّ الكفاح المسلح في وجه الغزاة سيستمر رغم إنكار المغرب له، وما دخول قوات أجنبية للمنطقة وتسليحه بأسلحة متطورة إلا دليل على نيته في إبادة الشعب الصحراوي، وسيكون هناك تصعيد في العمليات العسكرية ضد جيش الاحتلال المغربي مستقبلاً حسبما تقتضيه الظروف والمعطيات، وفق المتحدث.
الأولى مراجعة أسباب الفشل
في المقابل، أوضح خطري أدوه، مسؤول التنظيم السياسي في جبهة البوليساريو ورئيس الوفد المفاوض، أنّ زيارة دي مستورا للمنطقة تأتي في وقت مهم، تثبت الأمم المتحدة من خلاله مساعيها لمحاولة استرجاع ديناميكية وحيوية مسار البحث السلمي عن الحل العادل والنهائي لمشكلة تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية.
كما تأتي الزيارة أيضاً في وقت تشهد فيه الأوضاع تغيراً جذرياً عما كانت عليه قبل سنتين، مع استئناف المواجهة العسكرية بين جبهة البوليساريو والمغرب، وتوقف تام لمسار التسوية الأممي، وهو ما يتطلب من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي –يضيف المتحدث- البحث عن الحل بدءً من مراجعة أسباب فشل كل المساعي الماضية، وجهود المبعوثين الشخصيين التي فشلت بسبب تعنت النظام المغربي ورفضه الذهاب الى تطبيق الشرعية الدولية واحترام حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره والاستقلال.
هذا التعنّت –يقول خطري- رافقته للأسف بلدان نافدة في مجلس الأمن الدولي التي بالغت في تغذية هذا التعنّت في فرض واقع الاحتلال على الشعب الصحراوي، وهو أمر –يضيف المتحدث- يرفضه الشعب الصحراوي اليوم وغداً، مثلما رفضه في أكتوبر 2019 من خلال التوقف عن مجاراة مسار التسوية الذي انحرف، ومن بعده في 13 نوفمبر 2020 عندما استأنف الشعب الصحراوي كفاحه المسلح.
وقال خطري أدوه إنّ رسالة جبهة البوليساريو للمجتمع الدولي ولمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي واضحة.
عجز الأمم المتحدة عن إصلاح كل المواقف السلبية سواء من المغرب أو داعميه، مثلما يقول، هو حكم باستمرار الوضع على ما هو عليه، مؤكداً أن الشعب الصحراوي مُجمعٌ على الكفاح المسلح ومصمم على الاستمرار فيه حتى تحقيق الاستقلال الوطني وسيادة الدولة الصحراوية على كامل أراضيها.
صوت الشعب الصحراوي
ويرى خليهنا محمد التلميذي، الشاب الصحراوي المولود في مخيمات اللجوء، أنّ الأمم المتحدة باتت اليوم طرفاً في النزاع إلى جانب الاحتلال المغربي، معرباَ عن شكوكه في شرعية الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة نظراً لتورطها الفاضح في النزاع.
وقال خليهنا إنّ الشباب الصحراوي أبلغوا المبعوث الأممي للصحراء الغربية أثناء لقاء به، بمجموعة تجاوزات غير قانونية مسجلة في الأراضي الصحراوية المحتلة، وبتورط الأمم المتحدة بالأدلة القاطعة في ملف النزاع الدائر في الصحراء الغربية.
وأفاد خليهنا إنّ الشباب الصحراوي في مخيمات اللجوء لا ينتظر الكثير من زيارة المبعوث الشخصي ما لم تلتزم الأمم المتحدة بالحياد المطلوبة في مثل هذه الوساطات، مطالبين دي مستورا بالكشف عن وضعية الأسرى المدنيين الصحراويين القابعين في السجون المغربية حتى يتمكن من إضافة ما لم يقم به المبعوثين الشخصيين السابقين، وأن يبادر بتقديم استقالته في أقرب وقت، إذا لم يجد حلاً يناسب تطلعات الصحراويين، معتبراً الحل الوحيد لنزاع الصحراء الغربية يكمن في تمكين الشعب الصحراوي من سيادته الكاملة على أراضيه.
مطالب بتطبيق عقوبات أفريقية على المغرب
أكد سفير الجمهورية الصحراوية في بوتسوانا ماء العينين لكحل، أنّ الاتحاد الإفريقي مسؤول بشكل مباشر عن مرافقة جهود الأمم المتحدة من أجل تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية بصفته أحد الضامنين لمخطط التسوية الأممي الافريقي، و باعتبار الجمهورية الصحراوية عضو مؤسس للاتحاد الذي لم تنظم له المملكة المغربية سوى سنة 2017.
أشار السفير الصحراوي في حديث خصّ به “الشعب”، أنّ الاتحاد الإفريقي قد دعا في مناسبات عديدة طرفي النزاع بصفتهما عضوين في الاتحاد إلى الدخول في مفاوضات مباشرة لحل النزاع على أسس القانون الدولي بما يمكّن الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير، بل إنّ الاتحاد قد دعا صراحة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تحديد تاريخ معلوم لتنظيم استفتاء تقرير المصير، على اعتبار أنّ الجمعية العامة الأممية هي المسؤولة عن ملف تصفية الاستعمار على المستوى الدولي.
أوضح ماء العينين لكحل أنّ الاتحاد الافريقي لم يستعمل بعد كل وسائل الضغط التي بين يديه، داعياً إلى تطبيق افريقية ضد المغرب والضغط عليه بصفته عضو في المنظمة القارية من أجل حثّه على احترام مقتضيات القانون التأسيسي الإفريقي الذي يفرض احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار وتحريم التوسّع وضمّ أراضي الغير بالقوة، وهو الأمر الذي يواصل النظام المغربي رفضه والتملص منه.